کد مطلب:350901 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:279

علم النبی
قبل أن نبسط الكلام فی علم الإمام نسطر كلمة موجزة فی علم

الرسول (ص). لأن علم الرسول هو المنبع وعنه الصدور. إن النبی (ص) بعث للعالم أجمع، وللخلیقة التی علی كرة المعمورة كافة وما كانت شریعته لتعم البشر علی اختلاف الألسنة وتباین الطباع وتغایر الألوان وتشاسع البلدان إلا وهی صالحة لأن یكون نظامها العام الذی تنضوی تحت لوائه والذی یوافق كل قطر، ویلائم كل جیل ویجتمع مع كل لسان من دون أن یكون لقطر أو جیل أو لسان میزة علی عداه إنما المؤمنون إخوة ولیس لأخ فضل علی أخیه وإنما هم سواء فی ذلك النظام العام. نعم إنما أقربهم إلی خالق السماء وبارئ النسیم منزلة أطوعهم لامتثال أو أمره والانتهاء عن زواجره إن أكرمكم عند الله أتقاكم وإن أولیاؤه إلا المتقون. وما كان ذلك لرسول مبعوثا بتلك الرسالة العامة للبشر: أبیضهم وأسودهم شریفهم ووضیعهم قریبهم وبعیدهم من دون أن



[ صفحه 14]



یكون القدیر علی تمشیة ذلك النظام أو تطبیقه علی الجمیع وتنفیذه فیهم كافة بغیر محاباة ولا مجاملة أو میل لأحد علی أحد فیكون الكل لدیه فی الحق سواء ولا تأخذه فی الله لومة لائم. ولا فرق عنده فی القیام بهذه المسؤولیة العظمی والعب الرازح بین أن تكون دعوته قد عمت البشر أجمع وهیمنت علی الكرة كلها أو تكون مقصورة علی إقلیم خاص. ولو لم تكن له تلك الكفاءة والمقدرة لما صلحت شریعته لأن تجمع العالم بأسره تحت نظامها البدیع وقانونها الباهر. إن الهیمنة علی الكرة بأسرها، وتعمیم الشریعة للعالم أجمع، یتطلبان الكفاء والمقدرة اللتین لا تكونان فی العادة لبشر مهما كان له من العلم والقدرة وقوة الفكر والمزاج واعتدال الطبایع. إن الرسالة إصلاح للبشر وتسویة فی الحقوق وعدل فی الأمة ومن یرتدی هذه الحلة السماویة فلا یعدو أن یكون أهلا للنهوض بهذه الأعباء الباهضة وكیف یتبعث الله إنسانا بذلك العبء الثقیل ولا یجعل فیه تلك القوی الجسیمة. فلو كانت له السیطرة علی أقصی البلاد التی لا تصل رسله إلیها إلا بالشهور أو السنین ولا تصل صرخته إلیه من ولاته ودعاته وجباته إلا بذلك الزمن البعید فكیف یكون عدله شاملا وأمنه مستتبا وفی یوم فیه عامله جائر وجابیه خائف وقاضیه ظالم ولا تصله أخبارهم إلیه ولا نجدته له ولا رفع الظلم عنهم والانتصاف لهم من أولئك الخونة الجائرین إلا بعد إعلامه بالشأن وإیقافه علی الحال وهو یتطلب ذلك الأمد الأبعد.



[ صفحه 15]



نعم، لا بد وأن یكون لصاحب هذه الدعوة وتلك السیطرة، من العلم من لدن العلام جل وعلا، ما یحیط بالجلیل والحقیر والكبیر والصغیر فیما تأتی به الحوادث فی تلك البلاد قربت أو بعدت لیتسنی له أن یتدارك الحیف ویرفع الظلم وینتقم من أهل العدوان عند أول زمن ولولا هذا العلم المحیط وتلك القدرة علی التنفیذ لكانت الرسالة ناقصة والإصلاح والعدل غیر شاملین فعلم الرسول بالعالم وإحاطته بما یحدث فیه. وقدرته علی تعمیم الاصلاح للدانی والقاص والحاضر والباد. من أسس تلك الرسالة العامة وقاعدة لزومیة لتطبیق تلك الشریعة الشاملة. غیر أن الظروف لم تسمح لصاحب هذه الرسالة أن یظهر للأمة تلك القوی القدسیة والعلم الربانی الفیاض وكیف یعلن بتلك المواهب والإسلام غض جدید. والناس لم تتعرف تعالیم الإسلام الفرعیة بعد...؟ فكیف تقبل أن یتظاهر بتلك الموهبة العظمی، وتطمئن إلی الإیمان بذلك العلم؟ علی أن سلطته ما اجتازت الجزیرة، وشریعته لم تهیمن علی العرب كافة. دون سواهم من الأمم. بل ولم یكن كل قومه الذین انضووا تحت لوائه من ذوی الإیمان الراسخ. وما خضع البعض منهم للسلطة النبویة إلا بعد اللتیا والتی وبعد الترهیب والترغیب. بل وكان البعض منهم یبطن الكفر ویظهر الإسلام رهبة أو رغبة (وممن حولك من الأعراب رجال منافقون. ومن أهل المدینة مردوا علی النفاق) إلی غیره هؤلاء ممن لم یعرف منزلة النبوة ولا یقوی



[ صفحه 16]



علی عرفانها. فكیف والحال كما وصفنا. یتسنی له العمل بكل ما أوتی من میزة ولطف. ویقدر علی إظهار كل موهبة.